-->

لايك لصفحتنا فيس بوك

الاثنين، 4 سبتمبر 2017



قبل خلق آدم
أراد الله سبحانه وتعالى أن يخلق سيّدنا آدم عليه السّلام ليكون خليفته في الأرض، وقد حاور الله سبحانه وتعالى ملائكته في مسألة الاستخلاف فكان سؤال الملائكة استفهاميًّا عن سبب ذلك، خاصّةً وأنّه كان في ذهنهم أن من يسكن الأرض لا بد وأن يفسد فيها ويسفك الدّماء، فكان ردّ الله سبحانه وتعالى القاطع بأنّه يعلم ما لا يعلمون بصفته سبحانه ربّ الخلق جميعًا وخالقهم وهو أعلم بهم، فما هي قصّة سيّدنا آدم منذ أن خلقه الله تعالى مرورًا بفترة دخوله الجنّة إلى حين أنزله الله منها إلى الأرض؟


خلق آدم عليه السلام
وروي في كتاب البداية والنهاية إنّ الله سبحانه وتعالى حينما شاء أن يخلق بشرًا بعث جبريل إلى الأرض حتّى يأخذ من ترابها، وحينما وصل جبريل الأرض استعاذت بالله منه أن ينقص منها شيئًا فأعاذها ورجع إلى ربّه، ثمّ حصل الأمر نفسه مع ميكائيل، ثمّ بعث الله أخيرًا ملك الموت الذي ردّ على الأرض بأنّه يستعيذ بالله أن يرجع إلى ربّه من دون أن ينفّذ أوامره، فأخذ جبلة من الأرض من جميع ترابها الأحمر والأسود لذلك كان بنو آدم فيهم الأبيض والأحمر والأسود، ثمّ بلل ملك الموت التّراب بالماء حتّى أصبح كالطّين اللازب، ثمّ سواه الله سبحانه وتعالى وشكله كشكل البشر حاليًا، ثمّ تُرك حتّى صار كالحمأ المسنون أي الطّين الذي اسودّ وتغيّر لونه، ثمّ صار كالفخّار الذي يُطلق صوتًا إذا ضُرب به شيء، وقد روي أنّ الملائكة كانت تمرّ بهذا الخلق الذي لم تبثّ فيه الرّوح بعد فتفزع منه، كما روي أنّ إبليس كان يمرّ منه ويضربه ويدخل من فيهه ويخرج من دبره قائلًا لأيّ غرض هذا خُلق؟ ثمّ شاء الله تعالى أن يبثّ في هذا الخلق روحه فعندما وصلت الرّوح إلى أنفه عطس فقالت الملائكة له قل الحمد الله، ثمّ قال الله تعالى: رحمك ربّك، ثمّ عندما وصلت الرّوح إلى عينيه اشتهى ثمار الجنّة فانطلق حتّى يأتي بشيءٍ منها قبل أن تصل روحه إلى قدميه، ثمّ أمر الله تعالى ملائكته أن تسجد لآدم تكريمًا لخلقه فسجدوا كلّهم إلاّ أبليس استكبر، فنال من الله اللّعنة والطّرد من الملكوت.

خروج آدم من الجنة واستخلافه في الأرض
وقد أسكن الله تعالى آدم عليه السّلام الجنّة ليتنعّم فيها وحذّره من الأكل من شجرة معيّنة، وقد جاء الشّيطان إلى آدم ليسوّل له الأكل من الشّجرة وعصيان أمر الله فعصى آدم ربّه فأنزله الله تعالى من الجنّة إلى الأرض ثم تاب عليه.


مكان نزول آدم عليه السلام
لم يرد نصٌّ صريحٌ في القرآن الكريم أو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر مكان نزول آدم - عليه السلام - وزوجه حواء، إنما ذكر العلماء بعض الأقوال في ذلك، والتي ربّما تصحُّ أو يصحُّ شيءٌ منها، وربما لا يصحُّ شيءٌ منها على الإطلاق، وتبقى تلك الروايات ممّا يؤخذ بجيده ويُترك سقيمه إن كان مُخالفاً للكتاب والسنة، وكون ما جاء فيها من الأقوال ليس مخالفاً للقرآن والسنة فلا ضير في نقله على سبيل الاستئناس لا الإثبات، وفي الآتي بيانُ ما جاء في ذلك عن العُلماء:[١]

قيل: إنّ آدم آدم نزل في الهند، بينما كان نزول حواء بجدة في المملكة العربية السعودية، وقد رُوي هذا القول عن الحسن البصري رحمه الله.
قيل: كان نزولهما جميعا في الهند، وأنَّهما لم يَفترقا من حيث النزول، وقد نقل هذا القول ابن كثير عن السُّدي رحمهما الله.
قال آخرون: أُهبِط آدم بمنطقةٍ بين مكة والطائف تُسمى دحنا، ولم تذكر هذه الرواية موضع نزول حواء، ويؤيّد هذه الرواية ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - من قوله: (أُهبِطَ آدمُ إلى أرضٍ يقالُ لَها دَحنا بينَ مَكَّةَ والطَّائفِ).[٢]
قال بعض القدامى: أُهبِط آدم بالصفا في مكة المكرمة، وأهبطت حواء بالمروة، وقد رُوي هذا القول عن ابن عمر رضي الله عنهما.


سبب نزول آدم من الجنة
لمّا خلق الله آدم بيديه أمر الملائكة بالسجود له تَكريماً له، وتعظيماً لله الذي صنعه بيديه، فسجد الملائكةُ لآدم سجود تكريمٍ لا سجود عبادة، وكان ذلك طاعةً والتزاماً بأمر الله سبحانه، وكان ذلك ديدنهم على الدوام، فهم عباد الله الذين لا يعصون ما أمره، ويفعلون ما يؤمرون، لكنَّ إبليس الذي كان في تلك الفترة يُعد من الملائكة استكبر عن أمر الله وامتنع من السجود لآدم، وقد عَلَّل سبب رفضه الخضوع لأمر الله بالسجود لآدم بأنه خيرٌ منه فهو مخلوقٌ من نار، أما آدم فمخلوقٌ من طين، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)،[٣] حينها سخط الله على إبليس وطرده من بين ملائكته بعد أن أدناه منه وجعله واحداً منهم.[٤]

بعد أن طُرد إبليس وأُبعد من بين الملائكة توعَّد بأن يغوي عباد الله الذين سيتناسلون من آدم عليه السلام، وكأنه يُدرك أنّ آدم سينزل إلى الأرض ويخرج من نسله من يعبد الله، وكان أصل وعيده لهم حسداً وحقداً على أن دخل آدم الجنة وأُخرج هو منها، وأنّ عباد الله من نسل آدم سيدخلون الجنة إن التزموا بأمر الله، فقطع عهداً أن يغويهم، حتى يُبعدهم عن الجنة كما أُبعِد هو عنها، وطلب من الله أن يجعله من المُنظرين إلى يوم الدين فلا يموت إلى حينها، وقد أعطاه الله ذلك،[٤] قال تعالى: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ*قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ*قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ*قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ*ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ*قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ).[٥]

بدأ إبليس بإغواء آدم -عليه السّلام- حيث أوهمه أنّ الشجرة التي منعه الله وزوجه من الأكل منها ما هي إلا شجرة الخلود في الجنة، وأنه إن أكل منها سيعيش أبد الدهر ولن يموت أبداً، بل سيُصبح ملكاً من الملائكة المقربين، والذين لا يصدق عليهم الموت، فأغواهما بما يحبانه من الخلود وأن يكونا من الخالدين، فأكلا من الشجرة وعصيا أمر ربِّهما فاستحقا العقوبة لانتهاكهما ما أمر الله بعدم المساس به أو الاقتراب منه، لذلك أنزلهما الله من الجنة إلى الأرض بعد أن استغفر آدم ربّه فغفر له،[٤] قال تعالى: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ*فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ*وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ*فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ).[٦]


موت آدم عليه السلام
جاء ذكر قصة موت آدم - عليه السلام - في السنة النبوية، حيث كانت وفاته - عليه السلام - يوم الجمعة، وفي تفاصيلها فإن الملائكة قد جاءت آدم بكفنٍ وحنوطٍ من الجنة، وقام بأعباء الأمر بعد آدم - عليه السلام - من بعده ابنه شيث، وقد علَّمه آدم قبل ذلك الأمور كلَّها، ويقال: إنّ انتساب الناس جميعاً ينتهي إلى شيث بن آدم عليهما السلام.[٧]


أمّا ما رُوي في السنة النبوية عن قصة موت آدم؛ فقد روى أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لما حضر آدم عليه السلامُ قال لبنيه انطلقوا فاجنوا لي من ثمار الجنة فخرج بنوه فاستقبلتهم الملائكة فقالوا أين تريدون يا بني آدم قالوا بعثنا أبونا لنجني له من ثمار الجنة فقالوا ارجعوا فقد كفيتم فرجعوا معهم حتى دخلوا على آدم فلما رأتهم حواء عليها السلام ذعرت منهم، وجعلت تدنو إلى آدم وتلصق به، فقال لها آدم: إليك عني فمن قبلك أتيت خل بيني وبين ملائكة ربي فقبضوا روحه ثم غسلوه وحنطوه وكفنوه ثم صلوا عليه ثم حفروا له ثم دفنوه ثم قالوا يا بني آدم هذا سنتكم في موتاكم فكذاكم فافعلوا)[٨]
•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•
«لا تنسو الاعجاب بالصفحة ليصلك كل جديد »
👇👇



المراجع

محمد صالح المنجد (22-11-2009)، "لم يثبت شيء في المكان الذي أهبط إليه آدم من الأرض"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017. بتصرّف. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في تحفة النبلاء، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 117، إسناده صحيح. ↑ سورة الكهف، آية: 50. ^ أ ب ت "الكيفية التي وسوس بها الشيطان لآدم وحواء"، إسلام ويب، 3/2/2003، اطّلع عليه بتاريخ 28/1/2017. بتصرّف. ↑ سورة الأعراف، آية: 12-18. ↑ سورة الأعراف، آية: 19-22. ↑ ابن كثير (1988)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 109-112. بتصرّف. ↑ رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 588/1، صحيح أو حسن [كما اشترط على نفسه في المقدمة].



0 تعليقات على " قصة ادم عليه السلام-مجلة همسات شتاء "

إرسال تعليقات

جميع الحقوق محفوظة ل مجلة همسات شتاء